روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | من مبادئ الحــياة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > من مبادئ الحــياة


  من مبادئ الحــياة
     عدد مرات المشاهدة: 2153        عدد مرات الإرسال: 0

هَبْ أنك فشلت في أمر ما كنت تحاوله وتطمح إليه، وتحلم به، في أي مجال من مجالات الحياة تكون فيه، هَبْ أنّ هذا حدث فعلاً، فهل هذا مدعاة إلى أن تحطّم نفسك بكلتا يديك؟ تُرى هل خربت الدنيا بسبب تلك الكبوة؟ وهل حقاً قد إنتهى كل شيء؟ هل تعطلت قوانين الكون بسبب ذلك الفشل؟ الحقيقة الناصعة تقول: ما أنت إلاّ واحد من أعداد كثيرة لا يحصيها إلاّ خالقها، حاولوا الوصول إلى هدف ما، فتعثروا في الطريق، وهم يحاولون، غير أن إرادتهم كانت أقوى، وتصميمهم كان رائعاً، وثقتهم بالله كانت في الذروة، ومن ثم واصلوا الطريق حتى تيسر العسير.

أنها مجرد عثرة في درب طويل ممتد، ولكل جواد كبوة، ثق أنها كذلك، ولا تجعلها أكبر من ذلك، ولا تجعل من الحبة قبة، كما يقولون، ثم عليك أن تتعلم من الحياة التي تملأ عليك حسك: أرأيت إلى الطفل الصغير في أول عهده بالمشي؟! ألا تراه يخطو في صعوبة فإذا هو يقع بعنف، ثم يبكي في حرقة، ولو أنه يئس من المحاولة لمجرد أول عثرة يقع فيها فنفض يديه من محاولات جديدة، لو أنه فعل ذلك لما قام أبداً، ولبقي عمره كله لصيق الأرض لا يفارقها! ولكنا لم نر طفلاً يفعل ذلك!

سنة الله سبحانه -أنك غير المميز- أيها الإنسان العاقل ترى هذا الطفل، لا يزال يحاول ويكرر المحاولة في إصرار وإستماتة، لا يعنيه في شيء أن يبكي قليلاً متألماً كلما وقع، المهم أن يحاول، ثم هو لا يلبث إلاّ قليلاً حتى تقوى ساقاه، ويشتد عظمه، فإذا هو يمشي في ثقة، ويركض في فرح، منطلقاً ليسابق الريح إن إستطاع!

إنّ حياتك كلها قائمة على هذا المبدأ، فإفهم وتعلّم، وسر في ثقة، ولقد امتلأ كتاب الله عز وجل بآيات كثيرة تعمّق هذا المعنى في نفس المسلم الواعي الفقيه، ومنها قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}، {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا}، {إنه لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون} وآيات أخرى كثيرة.

إنّ دنياك هذه تحتاج إلى من يثبت في وجه مفاجآتها وأحداثها، وما أكثر مفاجآتها، وما أكثر أحداثها وأشجانها، فإصبر على مضض الأيام، وعلى مواجع الدهر، ومفاجآت الزمان، فالليالي تلد كل عجيبة! ومن سنة الله تعالى أنه يُعطي ويُكرم من يعمل بالأسباب ويصبر ويصابر ويجالد، حتى لو كان هذا الإنسان أعظم ملحد على وجه الأرض.

إنها سنة ماضية من سننه سبحانه: إعمل تجد، واقطع الطريق تصل، وإجتهد تنجح، ومن يزرع يحصد، المهم ألاّ تنام في عُرض الطريق، فالقوافل المسافرة في جِدّ سوف تدوسك حتماً.

ليس أمامك إلاّ أن تشمّر كلما عثرت، وان توطّن العزم على محاولة ثانية وثالثة، وعاشرة وألف، وخلال ذلك اسأل وإستشر، وخذ من تجارب الآخرين ما يُعينك على الوصول، والهج بدعاء متواصل لمن في يده جميع الأسباب، أن لا يكِلَك إلى نفسك، وحرّك قلبك بإستمرار حتى يظل شعاع الأمل خفّاقاً في روحك، فلا تصيبه غشاوة اليأس، إنّ الريح قد تطفئ نار الشمعة، ولكن ألا تعتقد أن عنصر الإحراق ما زال كامناً فيها؟

وليس سوى ساعة زمان، حتى تشبّ فيها النار فإذا هي تتوقد وتضئ، فلماذا لا تصر على أن تكرر محاولة إيقاد شموع الأمل كل حين في نفسك، رغم ما يواجهك مما لا يسرك بل يسؤوك؟

إنك حين تتذوق طعم الإنتصار على وساوس الشيطان والنفس الأمّارة، ستجد حتماً في مراغمتها لذّة خاصة، قد تعوّضك عن مرارة الفشل الذي صادفك في الطريق.

إنه لمعنى غريب عجيب حقاً، ولكنه يمثّل حقيقة ضخمة، غفل عنها أكثر الخلق، ولذا أصابهم ما أصابهم {وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} إنك إذا بقيت على هذه الروح الراقية.

مع إستشعار ما ستلقاه من أجر عظيم عند الله تعالى، على مجرد المحاولات ولو لم تصل، فإنك لا تلبث إن شاء الله حتى تجد نفسك في مقدمة القافلة الماضية في الطريق المستقيم، وتذكر دائماً وصية ربك الكريم لك {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}

إني رأيت وفي الأيامِ تجربة *** للصبرِ عاقبة محمودة الأثرِ

وقلّ من جدّ في أمرٍ يؤمله *** وإستصحب الصبر إلاّ فاز بالظفرِ

المصدر: موقع المختار الإسلامي.